كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 64 """"""
لبني إسرائيل من بعدي ؟ قال : ابنك سليمان . قال : الآن طابت نفسي ، لمضى لما أمرت به ، فقبض روحه - ع - وغسله سليمان وإخوته ، وكفنه بأكفان نزلت عليه من الحنة ، وحمله إلى قبره ، ودفن دون غار إبراهيم - ع - قال : وعكفت الطير على قبره أربعين يوماً .
قال الثعلبي في خبر وفاة داود : إن داود كانت له وصيفة تغلق الأبواب كل ليلة وتأتيه بالمفاتيح ثم تنام ، ويقبل داود على ورده في العبادة . فأغلقت ذات ليلة الأبواب وجاءت بالمفاتيح ثم ذهبت لتنام ، فرأت رجلاً قائماً في وسط الدار فقالت : ما أدخلك هذه الدار فإن صاحبها رجل غيور ، فخذ حذرك . فقال : أنا الذي أدخل على الملوك بغير إذن . فسمعه داود ، وكان في المحراب يصلي ، ففزع واضطرب وقال : علي به ، فأتاه . فقال : ما أدخلك في هذه الدار في هذا الوقت بغير إذن ؟ فقال : أنا الذي أدخل على الملوك بغير إذن . قال : فأنت ملك الموت ؟ قال نعم . قال : أجئت داعياً أم ناعياً ؟ قال : بل ناعياً . قال : فهلا أرسلت إلي قبل ذلك وآذنتني لأستعد للموت ؟ قال : كم أرسلت إليك يا داود فلم تنتبه . قال : ومن كانت رسلك ؟ قال : يا داود ، أين أبوك إيش ؟ وأين أمك ؟ وأين أخوك ؟ وأين قهر مانك فلان ؟ قال : ماتوا كلهم . قال : أما علمت أنهم رسلي ، وأن النوبة تبلغك ثم قبضه .
قال أهل التاريخ : كان عمر داود سنة ، ومدة ملكه أربعين سنة . وقد تقدم خبر آدم فيما وهب له من عمره .
ذكر نبوة سليمان بن داود عليهما السلام وملكه
قال الكسائي رحمه الله ولما قام سليمان - ع - من عزاء أبيه داود وتفرق الطير عن قبره ، دخل محراب أبيه ، فهبط عليه جبريل - ع - وقال له : إن الله تعالى يخصك بالسلام ويقول لك : الملك أحب إليك أو العلم ؟ فخر سليمان ساجداً لله تعالى وقال : العلم أحب إلي من الملك ، لأنه أنفع الأشياء . فأوحى الله تعالى إليه : إنك تواضعت واخترت العلم على الملك ، فقد وهبت لك العلم والملك ، وأضفت إلى ذلك كمال العقل وزينة الخلق ، ونزعت عنك العجب ، وسأطوي لك الدنيا بأسرها حتى تطأها بجيشك وتشاهد عجائبها . فخر سليمان ساجداً