كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 65 """"""
لربه ، ورفع رأسه فإذا الرياح الثمانية قد وقفت بين يديه وقالت له : إن الله سخرنا لك ، فاركبنا إذا شئت إلى أي موضع شئت . وأقبلت الوحوش والسباع فوقفت بين يديه وقالت : إن الله أمرنا بالطاعة لك . وأقبلت الطير وقالت : قد أمرنا أن نظلك بأجنحتنا ولا نخالفك في أمر . وفوض الله عز وجل إلى سليمان أمر الدنيا شرقها وغربها .
ذكر حشر الطير لسليمان بن داود عليهما السلام وكلامها له
قال الكسائي : ولما آتاه الله النبوة والملك أحب أن يستنطق الطير ، فحشرت إليه ، فكان جبريل يحشر طير المشرق والمغرب من البر ، وميكائيل يحشر طير الهواء والجبال . فنظر سليمان إلى عجائب خلقها ، وجعل يسأل كل واحد منها عن مسكنه ومعاشه فيخبره ، وكان بين يديه سبعة ألوية من ألوية الأنبياء ، يمسكها سبعة من الملائكة .
قال : ولما حشر الطير جاءته فوجاً فوجاً ؛ فسلمت عليه الخطافة بثلاث لغات وقالت : يا نبي الله ، أنا ممن اختارني نوح وحملني في السفينة ، ومني تناسل كل خطافة في الدنيا ، ودعا لي آدم وقال : إنك تدركين من أولادي من خلافته مثل خلافتي ، تحشر إليه الوحوش والطيور والمردة ، فإذا رأيته فأقرئيه مني السلام . وقالت له : يا نبي الله ، إن معي سورة تعجب الملائكة من نورها ، ما أعطيت لأحد من بني آدم غير أبيك إبراهيم ، فإنها نزلت كرامة له يوم ألقى في النار ، فهل لك أن تسمعها مني ؟ قال نعم . فقرأت سورة الحمد حتى بلغت " ولا الضالين " ومدت صوتها بآمين وسجدت ، وسجد معها سليمان - ع - .
ثم تقدم النسر وهو يومئذ في صورة عظيمة فقال : السلام عليك يا ملك الدنيا ، ما رأيت ملكاً أعظم من ملكك ، وإني صحبت آدم وساعدته على كثرة حزنه ، وأنا أول من علم بهبوطه إلى الأرض ، وكنت معه إلى أن تاب الله عليه وقال : إنه يكون من ذريتي من يحشر له الطير ، فإذا رأيت فأقرئه مني السلام ؛ وقد أديت إليك