كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 66 """"""
وديعته ، فاصطنعني يا نبي الله ، فإني عليم بمعادن الأرض وجبالها ، ومعي آية عظيمة لا يفتر لساني عنها ، وهي : " الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه " . ثم سجد وسجد معه سليمان ؛ فلما رفع رأسه جعله سليمان ملكاً على سائر الطيور .
ثم تقدمت العقاب فوقفت بين يديه وسلمت عليه وقالت : يا نبي الله ، إن الله حين خلقني كنت أعظم خلقاً من هذا ، غير أن حزني على هابيل يوم قتله قابيل صيرني إلى ما ترى ، ولقد توحشت الأرض والجبال يوم قتل . ومعي آية أعطانيها ربي ، وهي : " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " . ثم قالت : سلطني على من شئت ، فإني قوية سميعة .
ثم تقدمت العنقاء وهي يومئذ شديدة البياض ، وصدرها كالذهب الأحمر ، ووجهها كوجه الإنسان ، ولها ذوائب كذوائب النساء ، ورجلان صقراوان ، ولها تحت أجنحتها يدان ، في كل يد ثلاثون إصبعاً ، فوقفت بين يديه وسلمت وقالت : إن الله فضلك على كثير من الملوك حين أبرزني إليك في صورتي هذه ، فمرني بما شئت ، فوالله ما نطقت لأحد إلا لصفوة الله آدم ، فإني وقفت بين يديه وتعجب من حسن صورتي ، وقال : ما أشبهك بطيور الجنان فمنذ كم خلقك ربك ؟ قلت : منذ ألفي عام . ثم تبخترت بين يديه فقال : أيها الطائر ، إنك معجب بخلقك ، والعجب يهلك صاحبه ، لقد فاز المفلحون وخسر المبطلون .
وللعنقاء خبر عجيب نذكره إن شاء الله في آخر خبر الطير على ما تقف عله إن شاء الله تعالى .
ثم تقدم الغراب فسلم وقال : يا نبي الله ، لقد فضلك الله على كثير من ولد آدم ، وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً ، وإني كنت أبيض قبل

الصفحة 66