كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 73 """"""
وأما البومة فلزمت الآجام والجبال وقالت : أما بالنهار فلا خروج ولا سبيل إلى المعاش . فهي إذا خرجت نهاراً وبختها الطير واجتمعت عليها وقالت لها : يا قدرية ، فهي تخضع لهذا .
هذا ما كان من شأن العنقاء في القضاء والقدر . فلنرجع إلى أخبار سليمان - ع - .
ذكر خبر خاتم سليمان عليه السلام
قال الكسائي : وأوحى الله تعالى إلى جبريل - ع - أنه قد سبق في علمي أني أملك سليمان الدنيا ، ليعلم الجن والإنس أني لم أخلق خلقاً هو أفضل من ذرية آدم ؛ وأمره أن يأخذ خاتم الخلافة من الجنة ويأتيه به . فجاء جبريل إلى سليمان ومعه الخاتم وهو يضيء كالكوكب الدري ، ورائحته كالمسك ، وعليه كتابة بغير قلم ، وهي : لا إله إلا الله محمد رسول الله . فأعطاه لسليمان وقال له : هنيئاً لك يا بن داود بهذه الهدية ، وكان في يوم الجمعة لسبع وعشرين خلت من المحرم . فلما صار الخاتم في كف سليمان لم يتمكن من النظر إليه حتى قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وكذلك كل من كان ينظر إليه . قال وقيل : إن الخاتم أنزل من تحت العرش من نور برهان الله ، وقيل لسليمان : لا تنزعه من كفك إلا بأمانة ، وجعل الله عزه فيه ، فتختم سليمان به وصعد على كرسيه واستقبل الناس بوجهه ورفع إليه الخاتم وهو يلمع ، وقال : هذا الخاتم جمع فيه عزي وسلطاني وفضلني به ربي على العالمين ، وسلطني على كل شيطان مريد . ثم سجد شكراً لله تعالى وسجد معه الناس . ثم نزل عليه بعد نزول الخاتم " بسم الله الرحمن الرحيم " فكان لا يقرؤها على شيء إلا خضع وذل ، فتلاها على بني إسرائيل فلم يسمعها أحد إلا امتلأ فرحاً . ثم أمر بعد ذلك باتخاذ البيض والسيوف ، فكان عنده اثنان عشر ألف درع من نسج داود .

الصفحة 73