كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 74 """"""
وقيل : إن داود لم يعمل أكثر من سبع أذرع ، ثم قال سليمان : يا بني إسرائيل ، إني أمرت بمجاهدة أعداء الله ؛ ثم جمع الخيول وشرع في الاستعداد للحرب .
ذكر خبر حشر الجن لسليمان بن داود عليهما السلام
قال الكسائي : وأمر الله عز و جل جبريل - ع - أن يحشر الجن ، فنشر جناحه الأيمن على شرق الأرض ، والأيسر على غربها ، ونادى : أيتها الجن والشياطين ، أجيبوا سليمان بن داود بإذن الله ، فخرجت من سائر الأماكن وهي تقول : لبيك لبيك يا حجة الله . فحشرها إلى سليمان طائعة ذليلة تسوقها الملائكة ، وهي يومئذ أربعمائة وعشرون فرقة ، كل فرقة تدين بدين غير دين الأخرى ، فوقفت بأجمعها بين يدي سليمان ، فنظر إلى عجائب صورها وسجد لله شكراً ؛ ثم قام على قدميه والخاتم في إصبعه ، فلما نظرت إليه الجن خرت ساجدة ثم رفعت رءوسها وقالت : يا بن داود ، قد حشرنا إليك وأمرنا بالطاعة لك ، فختم على أكتافهم بخاتمه وجندهم وصفد مردتهم بالحديد ولم يتخلف منهم إلا صخر الجني تغيب في جزيرة ، وسنذكر خبره إن شاء الله تعالى . قال : وبقي إبليس بغير أعوان وفرق سليمان الشياطين في الأعمال المختلفة . من الحديد والنحاس وقطع الصخور والأشجار وعمارة القرى والمدن والحصون ، وأمرهم بعمل القدور والجفان ؛ قال الله تعالى : " يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات " . قيل : كان يأكل من كل جفنة ألف إنسان . وشغل طائفة منهم يغوص البحار واستخراج الأصداف والجواهر منها ، وأمر بعضهم بحفر الآبار وشق الأنهار والقنوات ، وبعضهم بإخراج الكنوز والمعادن ، وغير ذلك من الأعمال .
ثم حشر له بعد ذلك الهوام من الحيات والعقارب وغيرها من الحشرات وسخرت له . فسأل كلاً منها عن اسمها وضرها ونفعها ومأكلها ومشربها ومسكنها ومقدار أعمارها وعادتها وغير ذلك من أحوالها ، فأخبرته ، ثم صرفهم وأمرهم ونهاهم . والله أعلم .