كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)
"""""" صفحة رقم 75 """"""
ذكر خبر مطابخه عليه السلام
قال الكسائي : وأمر سليمان أن تصنع الأطعمة للخلق الذين معه ، حتى كان طباخوه ينادون في عسكره : من أراد طعاماً فليأت حتى نصنعه له كما يريد ، فإن سليمان نصبنا لذلك . وكانت موائده منصوبة ، كل مائدة طول ميل وأطول ، ومعه عدة من الطباخين ، مع كل طباخ شيطان يعينه ، ورتب في كل مخبز ألف خباز ، وفي كل مطبخ ألف طباخ .
قال ويقال : إنه كان يذبح في مطبخه في كل يوم من الإبل والبقر والغنم زيادة على ثلاثين ألف رأس ، ويستعمل في مطابخه كل يوم كذا وكذا كُرّا من الملح ، وكانت موائده منصوبة لعامة الناس فقيرهم وغنيهم ، وكان يلقى للطير في كل يوم من الحبوب سبعون ألف كُرّ - والكر عشرة أجربة ، والجريب ثلاثون قفيزاً - وكانت تظل البلاد بأجنحتها .
ذكر خبر الرزق الذي سأل سليمان الله تعالى أن يجريه على يديه
قال الكسائي : ولما نظر سليمان - ع - إلى عظم ما آتاه الله عز وجل من الملك ، سأل الله تعالى أن يجعل أرزاق المخلوقات على يديه . فأوحى الله تعالى إليه : إنك لا تطيق ذلك . قال : يا رب فيوماً واحداً ؛ فأوحى الله إليه : إنك لا تطيق ذلك . قال : يا رب فساعة واحدة ؛ فأوحى الله إليه : إني قد أعطيتك ذلك ، فاستعد الآن لأرزاق خلقي واجمع لهم . فأخذ في الاستعداد حتى جمع ما ينيف على حمل مائة ألف بغل وبعير ، وسار يريد ساحل البحر ، حتى أتاه ووضع ما جمعه هناك ، ونادى مناديه في سكان البحر أحضروا لقبض أرزاقكم . فاجتمع الحيتان والضفادع ودواب البحر على صور مختلفة ، وإذا بحوت قد أخرج رأسه وقال : أشبعني يا بن داود ، وهو على مثل الجبل . فقال سليمان . دونك الطعام ، فأكل جميع ذلك ، ثم قال : زدني يا نبي الله ، والله ما أصابني الجوع منذ خلقني ربي كما أصابني اليوم حين جعل رزقي