كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 79 """"""
قالوا : فلما أتى بحجر السامور ، وهو حجر الماس ، استعمله في أدوات الصناع ، فسهل عليهم نحت الحجارة .
قالوا : فبنى سليمان المسجد بالرخام الأبيض والأصفر والأخضر ، وعمده بأساطين المها الصافي ، وفصصه بألواح الجواهر الثمينة ، وفصص سقوفه وحيطانه باللآلئ واليواقيت وسائر الجواهر ، وبسط أرضه بألواح الفيروزج ، فلم يكن يومئذ بيت في الأرض أبهى ولا أنور من ذلك المسجد ، وكان يضيء في الظلمة كالقمر ليلة البدر . قالوا : فلما فرغ من بنائه جمع أحبار بني إسرائيل فأعلمهم أنه بناه لله تعالى ، وأن كل شيء فيه خالص لله تعالى . واتخذ ذلك اليوم عيداً ، فلم يتخذ في الأرض قط أعظم منه ولا من الأطعمة التي عملت فيه . قيل : إنه ذبح من الخراف خمسين ألفاً ، ومن البقر خمسة وعشرين ألفاً معلوفة ، ومن الغنم أربعمائة ألف شاة .
قالوا : ومن أعاجيب ما اتخذ سليمان ببت المقدس أنه بنى بيتاً وطين حيطانه بالخضرة وصقله ؛ فكان إذا دخله الورع البار استبان خياله في ذلك الحائط أبيض ؛ وإذا دخله الفاجر استبان خياله في الحائط أسود . فارتدع عند ذلك كثير من الناس عن الفجور والخيانة : ونصب في زاوية من زوايا المسجد عصا آبنوس ، فكان من مسها من أولاد الأنبياء لمن تضره ، ومن مسها من غيرهم احترقت يده .
قالوا : ولما فرغ من بناء بيت المقدس قرب قرباناً على الصخرة ، ثم قال : اللهم أنت وهبت لي هذا الملك مناً منك علي ، وجعلتني خليفتك في أرضك ، وأكرمتني به من قبل أن أكون شيئاً ، فلك الحمد . اللهم إني أسألك لم دخل هذا المسجد خصالاً : ألا يدخله أحد فيصلي فيه ركعتين مخلصاً فيهما إلا خرج من ذنوبه كيوم

الصفحة 79