كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 8 """"""
كثر فيهم خرجوا من ديارهم فراراً منه . فلما رأى الملك ذلك قال : اللهم رب يعقوب وإله موسى ، قد نرى معصية عبادك فأرهم آية في أنفسهم حتى يعلموا أنهم لا يستطيعون الفرار من حكمك وقضائك . فلما خرجوا قال الله لهم : موتوا ، فماتوا جميعاً وماتت دوابهم كموت رجل واحد ، فما أتت عليهم ثلاثة أيام حتى انتفخوا وأروحت أجسادهم ، فخرج إليهم الناس فعجزوا عن دفنهم ، فحظروا عليهم حظيرة دون السباع وتركوهم فيها .
قال : واختلفوا في مبلغ عددهم ، فقال عطاء الخراساني : كانوا ثلاثة آلاف . وقال ابن عباس ووهب : أربعة آلاف . وقال مقاتل والكلبي : ثمانية آلاف . وقال أبو روق : عشرة آلاف . وقال أبو مالك : ثلاثين ألفاً . وقال السُّديّ : بضعة وثلاثين ألفاً . وقال ابن جريج : أربعين ألفاً . وقال عطاء بن أبي رباح : سبعين ألفاً .
قالوا : فأتت عليهم مدة وقد بليت أجسادهم ، وعريت عظامهم ، وتقطعت أوصالهم ، فمر بهم حزقيل النبي - ع - فوقف عليهم متفكراً متعجباً ، فأوحى الله تعالى إليه : يا حزقيل ، تريد أن أريك كيف أحي الموتى ؟ قال نعم ، فأحياهم الله جميعاً .
قال : هذا قول السدي وجماعة من المفسرين . وقال هلال بن يساف وجماعة من العلماء : دعا حزقيل ربه أن يحييهم فقال : يا رب لو شئت أحييت هؤلاء فعمروا بلادك وعبدوك . فقال الله عز وجل أو تحب أن أفعل ؟ قال نعم ، فأحياهم .

الصفحة 8