كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 81 """"""
قال الثعلبي : فكان بيت المقدس على ما بناه سليمان إلى أن غزاه بختنصر ، فخرب المدينة وهدمها ، ونقض المسجد ، وأخذ ما كان في سقوفه وحيطانه من الذهب والفضة والدر والياقوت وسائر الجواهر ، فحمل ذلك معه إلى دار مملكته من أرض العراق . قال : ثم لم يزل خراباً إلى أن بني في الإسلام .
قال الكسائي : ثم أمر الله سليمان بجهاد العدو ، فرغب في جمع الخيل ، فأهديت إليه من جهة ملوك الأطراف الخيول المسومة ؛ فاجتمع له ما ينيف عن سبعين ألف فرس بسروج الذهب والفضة بأجلة الديباج . وسار صوب بلاد الشام . وكان إذا خرج للغزو لا يستصحب شيطاناً ولا جنياً بل العباد من بني إسرائيل . والله المعين .
ذكر خبر وادي النمل وما قيل فيه
قال : ولما سار سليمان لقصد الغزو مر في طريقه بوادي النمل . قال الثعلبي : إنه مر بوادي السدير واد من الطائف فأتى وادي النمل . قال الكسائي : فنظر إليهم وإذا هم يزيدون على مائة ألف كردوس مثل السحاب ؛ وهم زرق العيون ، ولهم أيد وأرجل . فقال سليمان : إني أرى سحابة في الأرض لا أعلم ما هي . فحملت إليه الريح قول النمل كما أخبر الله تعالى عنها : " حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ، فتبسم ضاحكاً من قولها " . قال : ونزل الناس معه ، فقال : أتدرون ما هذا السواد ؟ هذه أمة من الأمم يقال لها النمل ، وأخبرهم بقول النملة تناديهم : الوحا الوحا فقد وافتكم الخيل . فصاح بها سليمان وأراها الخاتم فجاءته خاضعة ، فوقفت بين يديه وهي أكبر من الذئب ، فسجدت بين يديه ثم قالت : يا نبي الله ، ما سجدت قبلك إلا لأبيك إبراهيم ، وهأنا بين يديك مرني بأمرك . فقال : ما الذي

الصفحة 81