كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 87 """"""
قال : فعمل له الكرسي وكان من أنياب الفيلة وفصصه بالياقوت واللؤلؤ ، والزبرجد وأنواع الجوهر ، وحفه بأربع نخلات من ذهب ، شماريخها من الياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر ، على رأس نخلتين طاووسان من ذهب ، وعلى رأس النخلتين الأخريين نسران من ذهب ، بعضها يقابل بعضاَ ، وجعل مقابل جنبي الكرسي أسدين من ذهب ، على رأس كل أسد منهما عمود من الزمرد الأخضر ، وعقد على النخلات أشجار كروم من الذهب ، عناقيدها من الياقوت الأحمر . قالوا : وكان سليمان إذا أراد صعوده وضع قدميه على الدرجة السفلى فيستدير الكرسي كله بما فيه دوران الرحا المسرعة ، وتنشر تلك النسور والطواويس أجنحتها ، ويبسط الأسدان أيديهما ويضربان الأرض بأذنابهما ، وكذلك كان يفعل في كل درجة يصعد فيها سليمان . فإذا استوى سليمان بأعلاه أخذ النسران اللذان على النخلتين تاج سليمان فوضعاه على رأس سليمان ، ثم يستدير الكرسي بما فيه ويدور معه النسران والطاووسان ، والأسدان ماثلان برءوسهما إلى سليمان ، ينضحن عليه من أجوافها المسك والعنبر ، ثم تناوله حمامة من ذهب جاثمة على عمود من جوهر من أعمدة الكرسي النوارة ، فيفتحها سليمان - ع - ويقرؤها على الناس ويدعوهم إلى فصل القضاء . فإذا دعا بالبينات وتقدمت الشهود لإقامة الشهادات دار الكرسي بما فيه من جميع ما حوله دوران الرحا المسرعة .
قال أبو إسحاق الثعلبي قال معاوية لوهب بن منبه : ما الذي كان يدير ذلك الكرسي ؟ قال : بلبلتان من ذهب . قال : فإذا دار الكرسي بسط الأسدان أيديهما ويضربان الأرض بأذنابهما ، وينشر النسران والطاووسان أجنحتها فتفزع منها الشهود ويداخلهم الرعب الشديد ، فلا يشهدون إلا بالحق .

الصفحة 87