كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 9 """"""
وقال عطاء ومقاتل والكلبي : بل كانوا قوم حزقيل ، فأحياهم الله عز وجل بعد ثمانية أيام ؛ وذلك أنهم لما أصابهم ذلك خرج حزقيل في طلبهم فوجدهم موتى ، فبكى وقال : يا رب كنت في قوم يحمدونك ويقدسونك ويكبرونك ويهللونك فبقيت وحيداً لا قوم لي . فأوحى الله تعالى إليه : إني قد جعلت حياتهم إليك . فقال حزقيل : احيوا بإذن الله تعلى ، فعاشوا .
وقال وهب : أصابهم بلاء وشدة من الزمان ، فشكوا ما أصابهم فقالوا : يا ليتنا متنا فاسترحنا مما نحن فيه . فأوحى الله عز وجل إلى حزقيل : إن قومك قد ضجروا من البلاء ، وزعموا أنهم ودوا لو ماتوا فاستراحوا ، وأي راحة لهم في الموت أيظنون أني لا أقدر أن أبعثهم بعد الموت فانطلق إلى جبانة كذا ، فإن فيها قوم أمواتاً . فأتاهم ، فقال الله عز وجل : قم فنادهم - وكانت أجسامهم وعظامهم قد تفرقت ، فرقتها الطير والريح - فنادى حزقيل : أيتها العظام ، إن الله يأمرك أن تكتسي اللحم . فاكتست جميعاً اللحم ، وبعد اللحم جلداً ودماً وعصباً وعروقاً ، فكانت أجساداً ، ثم نادى أيتها الأرواح ، إن الله تعالى يأمرك أن تعودي في أجسادك . فقاموا جميعاً عليهم ثيابهم التي كانوا فيها ، وكبروا تكبيرة واحدة . قال : وزعم منصور بن المعتمر عن مجاهد أنهم قالوا حين أحيوا : سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت ، فرجعوا إلى قومهم بعد ما أحياهم الله عز وجل ، وعاشوا دهراً يعرفون أنهم كانوا أمواتاً ، سِحْنةُ الموت على وجوههم ، لا يلبسون ثوباً إلا عاد رميماً مثل الكفن ، حتى ماتوا لآجالهم التي كتب الله لهم . وقال ابن عباس رضي الله عنهما فإنها لتوجد اليوم في ذلك السبط من اليهود تلك الريح .

الصفحة 9