كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 95 """"""
فلما جاء الرسول ونظر إلى ميدان سليمان وحيطانه وما على شرفتها من التيجان والخيول حول الميدان ، دخل على سليمان بالجواري والغلمان والحقة والقارورة ، ولم يظهر الذهب والفضة والخيل لأنه استحقرها بالنسبة إلى ما رآه .
وقال الثعلبي : إنه كان مما بعثته خمسمائة لبنة من ذهب ، وخمسمائة لبنة من فضة . قال : فلما دنا القوم من الميدان ونظروا إلى ملك سليمان ورأوا الدواب تروث على لبن الذهب والفضة رموا ما معهم من الهدايا . قال : وفي بعض الروايات أن سليمان لما أمر بفراش الميدان بلبن الذهب والفضة أمرهم أن يتركوا على طريقهم موضعاً على قدر اللبنات التي معهم . فلما رأت الرسل موضع اللبنات خالياً وكل الأرض مفروشة خافوا أن يتهموا بذلك ، وطرحوا ما معهم في ذلك المكان .
قال : ثم مروا على الشياطين ، فلما نظروا إليهم فزعوا . فقيل لهم : جوزوا فلا بأس عليكم . وكانوا يمرون على كردوس كردوس من الجن والإنس والطير والسباع والوحش حتى وقفوا بين يدي سليمان - ع - .
قال الكسائي : فقدم الكتاب إلى سليمان ، فأخبر سليمان الرسول بما فيه قبل فتحه وقراءته ، وميز الوصفاء من الوصائف ، وأمر دودة فثقبت الدرة وأدخلت الخيط في الجزع ، وأمر أن تساق الخيل حتى تعرق وتملأ القارورة من عرقها ، وأقبل على وزير بلقيس وقال : ارجع إلى صاحبتك بما جئت به من الهدية وقل هلا : " أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم فرحون . ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون " .
قال : فعاد الوزير إليها بما جاء به من الهدية وأختبرها بما كان من أمر سليمان . فقالت لقومها : هل علمتم الآن أن رأيي كان أصوب من رأيكم في ترك المحاربة ؟ ومن أين لنا طاقة بحرب نبي ثم جمعت أموالها وكنوزها واستصحبت ذلك معها إلا عرشها فإنها تركته بقصرها وأغلقت عليه سبعة أبواب وسارت إلى سليمان ومعها ملوك اليمن وأكابرها وساداتها ، فبلغ ذلك سليمان . قال أبو إسحاق الثعلبي رحمه الله تعالى : شحصت بلقيس إلى سليمان - ع - في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن ، تحت يد كل قيل منهم مائة

الصفحة 95