كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 97 """"""
قال الثعلبي : اختلف العلماء في أمرها بعد إسلامها ، فقال أكثرهم : لما أسلمت بلقيس أراد سليمان أن يتزوجها . فلما هم بذلك كره ما رأى من كثرة شعر ساقيها وقال : ما أقبح هذا . فسأل الإنس : بم يذهب هذا ؟ فقالوا : بالموس . فقالت المرأة : لم يمسني الحديد قط ، فكرهه سليمان . فسأل الجن ، فقالوا : لا ندري . فسأل الشياطين فمكروا عليه ، فلما ألح عليهم قالوا : نحن نحتال عليه حتى يكون كالفضة البيضاء ، فآتخذوا لها النورة والحمام . قال ابن عباس رضي الله عنهما : هو أول يوم اتخذت في النورة . وقال الكسائي في سياقة خبره : ثم قالت بلقيس : يا نبي الله ، أرى خاتمك منقوشاً ، فما الذي عليه ؟ قال : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " قالت ومن محمد ؟ قال : نبي يخرج في آخر الزمان ، فآمنت بلقيس به . ثم قال لها بعد إيمانها : أتحبين أن ترجعي إلى بلادك وما كنت فيه ؟ قالت : لا ، بل أكون معك من بعض نسائك ، فتزوج بها سليمان - ع - .
هذا ما أورده الكسائي . وفيه زيادات نقلها أبو إسحاق الثعلبي قد ذكرناها في أثناء القصة ونبهنا عليها ونسبناها إلى قائلها . وحكى الثعلبي أيضاً في هذه القصة زيادات قد رأينا إثباتها ؛ فمن ذلك وصف قصرها وعرشها .
ذكر صفة القصر الذي بنته بلقيس وصفة عرشها
قال أبو إسحاق الثعلبي قال الشعبي : يروى أن بلقيس لما ملكت أمرت فحمل إليها خمسمائة أسطوانة من الرخام ، كل أسطوانة خمسون ذراعاً ، وأمرت بها فنصبت على تل قريب من مدينة صنعاء ، وخطت بين كل أسطوانتين عشرة أذرع ، ثم جعلت على ذلك سقفاً مبسوطاً بألواح الرخام وألحم بعضها إلى بعض بالرصاص حتى صارت كأنها لوح واحد . ثم بنت فوق ذلك قصراً مربعاً من آجر وجعلت في كل زاوية من زواياه قبة من ذهب مشرفة في الهواء ، وفيما بين ذلك مجالس حيطانها

الصفحة 97