كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 98 """"""
من ذهب وفضة مرصعة بأنواع الجواهر الملونة ، فكانت الشمس إذا طلعت على ذلك القصر التهب الذهب والجوهر فيكاد يعش العيون وتحار فيه الأبصار . وجعلت باب ذلك القصر مما يلي المدينة بدرج من الرخام الأبيض والأحمر والأخضر ، وفي جانبه حجراً لحجابها وبوابيها وحرسها وخدمها وحشمها على قدر مراتبهم .
قال : وأما صفة عرشها فكان مقدمه من ذهب مفصص بالياقوت الأحمر والزمرد الأخضر ، ومؤخره من فضة مكلل بأنواع الجواهر ، وله أربع قوائم : قائمة من ياقوت أحمر ، وقائمة من ياقوت أصفر ، وقائمة من زمرد أخضر ، وقائمة من در أصفر ، وصفائح السرير من ذهب . وعليه سبعة بيوت ، على كل بيت باب مغلق ، وكان ثمانين ذراعاً في ثمانين ذراعاً ، وطوله في الهواء ثمانون ذراعاً ، فذلك قوله : " ولها عرش عظيم " أي سرير ضخم .
ذكر خبر وادي القردة
قال الكسائي : وبينما سليمان - ع - مع بلقيس ذات ويوم إذ قال لها : أكل اليمن في طاعتك ؟ قالت : نعم ، إلا واد عن يمين سبأ ، فيه أشجار ومياه غلبت عليه القردة وأزاحوا عنه سكانه ، وهو واد طويل عريض ، وهم في كثرة ، وإنهم على سنن اليهود لا يتبايعون يوم السبت . فبعث سليمان العقاب ليأتيه بخبرهم . فطار إلى الوادي وعاد إليه قبل أن يقوم من مقامه ذلك ، وأخبره بكثرتهم . فركب سليمان الريح على بساطه في قبة القوارير ، وسار في نفر من بني إسرائيل حتى نزل على شفير الوادي ، فعلم القردة أنه سليمان ، فبادروا إلى طاعته وأتوه ، وقالوا : يا نبي الله ، إنا من نسل اليهود الذين اعتدوا في السبت ، ونحن على دين موسى نعمل بأحكام التوراة ، وسألوه أن يقرهم في ذلك الوادي ، فأقرهم فيه وكتب لهم سجلاً على لوح من نحاس وجعله في عنق كبيرهم يتوارثونه ، ثم انصرف عنهم . هكذا نقل . والصحيح أن الذين اعتدوا في السبت وغيرهم ممن مسخ لم يعقبوا . وفي الصحيح : إن الله لم يجعل لمسيخ نسلاً .

الصفحة 98