كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 14)

"""""" صفحة رقم 99 """"""
ذكر خبر الرجل الذي قبض بأرض الهند
قال الكسائي : كان سليمان - ع - قد سأل الله تعالى أن يريه ملك الموت فأراه إياه ، وكان يعوده ويأتيه في كل خميس . فأتاه في بعض الأيام على صورة البشر ، وجعل يطيل النظر إلى رجل في مجلس سليمان حتى أرعب ذلك الرجل . فلما فارقه ملك الموت قال : يا نبي الله ، لقد فزعني هذا الرجل الذي كن في مجلسك من نظره إلي ، فمن هو ؟ قال : هو ملك الموت . قال : يا نبي الله أسألك أن تأمر الريح أن تحملني إلى أرض الهند ، فأمرها سليمان فحملته من مجلسه ووضعته بأرض الهند . ثم جاء ملك الموت إلى سليمان ، فقال له : قد كنت اليوم عندي وأنت تنظر إلى ذلك الرجل نظراً شافياً حتى خاف منك . قال : يا نبي الله ، إني كنت قد أمرت بقبض روحه في موضع من أرض الهند في هذا اليوم ، فلما رأيته عندك عجبت متى يصل إلى الهند ، فإذا الريح قد جاءت به ، فألقته في بالبقعة التي أمرت بقبض روحه فيها ، فقبضت روحه هناك . فعجب سليمان - ع - من ذلك .
ذكر خبر الفتنة وذهاب خاتم سليمان عليه السلام ورجوعه إليه
قال الكسائي : كان سليمان - ع - كلما نزل بمنزل من البراري بنت الجن والشياطين له قصراً بديعاً ، فإذا تحول عنه خربوه . وكان له قصر على ساحل البحر من بناء الجن ، فأمرهم أن يتركوه على حالته . فجاء سليمان إلى ذلك القصر فنزله ، وكان صخر الجني معه وهو شديد الحرص على أن يسلبه الخاتم ؛ لأنه كان قد علم أن ملكه في خاتمه . وكان لسليمان جارية اسمها الأمينة فكان إذا أراد الدخول إلى الخلوة بنسائه يسلم الخاتم إليها ، فإذا اغتسل أخذ خاتمه منها ، وكذلك إذا أراد الوضوء . فجاء سليمان في بعض الأيام فنزل ذلك القصر وأراد الوضوء ، فدفع الخاتم إلى الجارية ، فجاء صخر وقد ألقى على نفسه صورة سليمان ، فقال للجارية : هات الخاتم ، فناولته إياه وهي لا تعلم . فلما صار الخاتم في يد صخر لم يستقر في يده لأنه شيطان ، فرماه في البحر ، فجاء حوت بإذن الله فابتلعه . ومضى صخر وهو على صورة سليمان فجلس على كرسيه ومعه الناس وهم يظنون أنه سليمان ؛ فذلك قوله تعالى : " ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب " قيل : الجسد هو صخر الجني . قال : وخرج سليمان من الخلاء وقد غير الله صورته إلى صورة صخر ، فطلب الخاتم ، فقالت الجارية : أعوذ بالله منك ، قد دفعت الخاتم إلى سليمان . فعلم أن الله قد

الصفحة 99