كتاب مصنف عبد الرزاق - ط التأصيل الثانية (اسم الجزء: 6)

قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ مِسْوَر بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ: فَرَاحُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَليدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةً فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ"، فَوَاللهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ إِذَا هُوَ بِقَتَرَةِ (¬١) الْجَيْشِ فَانْطَلَقَ، فَإِذَا هُوَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالثَّنِيَّةِ (¬٢) الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ (¬٣)، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ، فَقَالُوا: خَلأَتِ (¬٤) الْقَصْوَاءُ (¬٥)، خَلأَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاكَ لَهَا بخُلُقٍ، وَلَكِنَّهَا حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ"، ثُمَّ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّة (¬٦) يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ، إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا"، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ بِهِ، قَالَ: فَعَدَلَ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ إِنَّمَا يَتَبَرَّضُهُ (¬٧) النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ أَنْ نَزَحُوهُ، فَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا زَالَ يَجِيشُ (¬٨) لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا (¬٩) عَنْهُ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ وَكَانُوا عَيْبَةَ (¬١٠) نُصْحِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ (¬١١)،
---------------
(¬١) القترة: الغبار الأسود. (انظر: مجمع البحار، مادة: قتر).
(¬٢) الثنية: الطريق العالي في الجبل، والجمع: الثنايا. (انظر: النهاية، مادة: ثنا).
(¬٣) الراحلة: البعير القوي على الأسفار والأحمال، ويقع على الذكر والأنثى. (انظر: النهاية، مادة: رحل).
(¬٤) خلأت الناقة: إذا حَرَنَتْ، والحِران: أن يقف (أي الدابة) فلا يتحرك وإن ضُرِب. (انظر: غريب الحديث للحربي) (٢/ ٤٤٦).
(¬٥) القصواء: الناقة التي قطع طرف أذنها، ولم تكن ناقة النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، وإنما كان هذا لقبًا لها. (انظر: النهاية، مادة: قصا).
(¬٦) الخطة: الحال والأمر والخطب. (انظر: النهاية، مادة: خطط).
(¬٧) التبرض: أخذ الشيء قليلًا قليلًا، وهو أيضًا التبلُّغ بالشيء القليل. (انظر: جامع الأصول) (٨/ ٣٠٢).
(¬٨) يجيش: يَتَدَفَّق ويجري بالماء. (انظر: النهاية، مادة: جيش).
(¬٩) الصدر والصدور: الرجوع والانصراف. (انظر: اللسان، مادة: صدر).
(¬١٠) العيبة: خاصة الرجل وموضع سره. (انظر: النهاية، مادة: عيب).
(¬١١) تهامة: الأرض المنكفئة إلى البحر الأحمر، من الشرق من العقبة في الأردن إلى المخا في اليمن.
(انظر: المعالم الأثيرة) (ص ٧٣).

الصفحة 18