كتاب مصنف عبد الرزاق - ط التأصيل الثانية (اسم الجزء: 6)

أَنَّ لَهُمْ مَا أَقَلَّتِ (¬١) الْإِبِلُ مِنَ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَمْوَالِ إِلَّا الْحَلْقَةَ (¬٢) يَعْنِي السِّلَاحَ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِمْ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: ١ - ٢]، فَقَاتَلَهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى صَالَحَهُمْ عَلَى الْجَلَاءِ فَأَجْلَاهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَكَانُوا مِنْ سِبْطٍ (¬٣) لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ فِيمَا خَلَا، وَكَانَ اللهُ قَدْ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَالسِّبَاءِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: {لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: ٢] فَكَانَ جَلَاؤُهُمْ ذَلِكَ أَوَّلَ حَشْرٍ فِي الدُّنْيَا إِلَى الشَّامِ.
° [١٠٥٧٧] عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ (¬٤)، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ كَتَبُوا إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ بْنِ السَّلُولِ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْأَوْثَانَ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ، قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، يَقُولُونَ: إِنَّكُمْ آوَيْتُمْ صَاحِبَنَا، وإنَّكُمْ أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَدَدًا، وَإِنَّا نُقْسِمُ بِاللهِ لَتَقْتُلُنَّهُ، أَوْ لَتُخْرِجُنَّهُ، أَوْ لَنَسْتَعْدِيَنَّ (¬٥) عَلَيْكُمُ الْعَرَبَ، ثُمَّ لَنَسِيرَنَّ إِلَيْكُمْ بِأَجْمَعِنَا حَتَّى نَقْتُلَ مُقَاتِلَتَكُمْ، وَنَسْتَبِيحَ نِسَاءَكُمْ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ أُبَيٍّ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ تَرَاسَلُوا، فَاجْتَمَعُوا، وَأَرْسَلُوا، وَأَجْمَعُوا لِقِتَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَقِيَهُمْ فِي جَمَاعَةٍ، فَقَالَ: "لَقَدْ بَلَغَ وَعِيدُ قُرَيْشٍ مِنْكُمُ الْمَبَالِغَ، مَا كَانَتْ لِتَكِيدَكُمْ
---------------
(¬١) الإقلال: رفع الشيء، وحمله. (انظر: النهاية، مادة: قلل).
(¬٢) في الأصل: "الحليقة"، والتصويب من "فتح الباري" لابن حجر (٧/ ٣٣٠) معزوا للمصنف.
(¬٣) سبط: ولد الابن والابنة، والسبط من الْيَهُود كالقبيلة من الْعَرَب، والجمع: أسباط. (انظر: المعجم الوسيط، مادة: سبط).
(¬٤) وقع في الأصل: "عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك" وهو خطأ، وصوابه ما أثبتناه كما في "التاريخ الكبير" للبخاري (٥/ ٣١٣)، "سنن أبي داود" (٢٩٩١) من طريق المصنف، به، وينظر أيضا: "الدر المنثور" للسيوطي (١٤/ ٣٤٠).
(¬٥) في الأصل: "لنستعن"، والتصويب من "الدر المنثور".

الصفحة 35