كتاب مسألة في التطوع في المساجد الثلاثة

والطواف أيهما أفضل؟ فقال صاحب ((الحاوي)): الطواف أفضل، وظاهر إطلاق المصنف في قوله [في] باب صلاة التطوع: (أفضل عبادات البدن الصلاة): أن الصلاة أفضل. وقال ابن عباس وعطاء وسعيد بن جبير ومجاهد، الصلاة لأهل مكة أفضل، والطواف للغرباء أفضل)).
وهذا الخلاف يقتضي أن يكون التطوع في المسجد الحرام أفضل منه في البيت؛ إذ لا يصح التفاضل بين الطواف الذي لا يصح فعله إلا في المسجد وبين الصلاة التي هي مفضولة بالنسبة إلى فعلها في البيوت، والله سبحانه أعلم.
فتحصل من هذا كله اضطراب النقل في النوافل: هل فعلها في المساجد الثلاثة أفضل أو في البيوت؟
والذي تقتضيه الأحاديث عند المحققين: أن فعلها في البيوت أفضل إلا ما شرع له الجماعة، كالعيد والكسوف والاستسقاء، وكذا التراويح على الأصح، وكذا ركعتا الطواف؛ اتباعاً لفعله صلى الله عليه وسلم لهما خلف المقام، وكذلك تحية المسجد لاختصاصها بالمسجد، وما عدا ذلك ففعله في البيت أفضل؛ لدخوله تحت قوله صلى الله عليه وسلم : ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة))، وعدم ما يدل على إخراجه من هذا العموم.

الصفحة 28