كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 6)

الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْنَا فَقَالَ بَعْضٌ لِبَعْضٍ: [ (1) ] فَرَّطْنَا فِي صَلَاتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا تَقُولُونَ؟ إِنْ كَانَ أَمْرَ دُنْيَاكُمْ فَشَأْنُكُمْ وَإِنْ كَانَ أَمْرَ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ فَرَّطْنَا فِي صَلَاتِنَا، قَالَ لَا تَفْرِيطَ فِي النَّوْمِ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَصَلُّوهَا مِنَ الْغَدِ لِوَقْتِهَا، ثُمَّ قَالَ: ظُنُّوا بِالْقَوْمِ، فَقُلْنَا: إِنَّكَ قُلْتَ بِالْأَمْسِ إِنْ لَا تُدْرِكُوا الماء غدا تعطشوا، فأتوا النَّاسُ الْمَاءَ فَقَالَ: أَصْبَحَ النَّاسُ وَقَدْ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَاءِ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، قَالَا: أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ ليسبقكم الى الماء ويخلّنكم، وَإِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا قَالَهَا ثَلَاثًا، فَلَمَّا اشْتَدَّتِ الظَّهِيرَةُ رَفَعَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولُ اللهِ! أُهْلِكْنَا، عَطِشْنَا، انْقَطَعَتِ الْأَعْنَاقُ. قَالَ: لَا هُلْكَ عَلَيْكُمُ [الْيَوْمَ] [ (2) ] ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا قَتَادَةَ ائْتِنِي بِالْمِيضَأَةِ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: حُلَّ لِي غُمْرِي يَعْنِي قَدَحَهُ فَحَلَلْتُهُ فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَجَعَلَ يَصُبُّ فِيهِ وَيَسْقِي النَّاسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَحْسِنُوا الْمَلَأَ، فَكُلُّكُمْ سَيَصْدُرُ عَنْ رِيٍّ، فَشَرِبَ الْقَوْمُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ غَيْرِي وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَصَبَّ لِي، فَقَالَ: اشْرَبْ يَا أَبَا قَتَادَةَ، قُلْتُ: اشْرَبْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا، فَشَرِبْتُ ثُمَّ شَرِبَ بَعْدِي، وَبَقِيَ مِنَ الْمِيضَأَةُ نَحْوٌ مِمَّا كَانَ فِيهَا وَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثُمِائَةٍ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَسَمِعَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَنَا أُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: الْقَوْمُ أَعْلَمُ بِحَدِيثِهِمْ، انْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ فَإِنِّي أَحَدُ السَّبْعَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنَّ أَحَدًا يَحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثَ غيري
[ (3) ] .
__________
[ (1) ] في (ح) : «لبعضنا» .
[ (2) ] الزيادة من (ف) .
[ (3) ] صحيح مسلم (1: 472) .

الصفحة 133