كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 6)
كَنَاقَةٍ مِنْ دُرَّةٍ جَوْفَاءَ قَوَائِمُهَا مِنْ زَبَرْجَدٍ أَخْضَرَ، وَعُنُقُهَا مِنْ زَبَرْجَدٍ أَصْفَرَ، عَلَيْهَا هَوْدَجٌ وَعَلَى الْهَوْدَجِ السُّنْدُسُ وَالْإِسْتَبْرَقُ، وَتَمُرُّ بِكَ عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ، يَغْبِطُكَ بِهَا كُلُّ مَنْ رَآكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَدْ رَضِيتُ.
فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ فَلَقِيَهُ أَلْفُ أَعْرَابِيٍّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى أَلْفِ دَابَّةٍ مَعَهُمْ أَلْفُ سَيْفٍ وَأَلْفُ رُمْحٍ، فَقَالَ لَهُمْ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ فَقَالُوا: نَذْهَبُ إِلَى هَذَا الَّذِي سَفَّهَ آلِهَتَنَا فَنَقْتُلُهُ! قَالَ: لَا تَفْعَلُوا أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَحَدَّثَهُمُ الْحَدِيثَ، فَقَالُوا بِأَجْمَعِهِمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ دَخَلُوا، فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَقَّاهُمْ بِلَا رِدَاءٍ، فَنَزَلُوا عَنْ رِكَابِهِمْ يُقَبِّلُونَ حَيْثُ وَافَوْا مِنْهُ وَهُمْ يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مُرْنَا بِأَمْرِكَ، قَالَ: كُونُوا تَحْتَ رَايَةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَلَمْ يُؤْمِنْ مِنَ الْعَرَبِ وَلَا غَيْرِهِمْ أَلْفٌ غَيْرُهُمْ [ (2) ] .
قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ فِي الْمُعْجِزَاتِ بِالْإِجَازَةِ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ عَدِيٍّ الْحَافِظِ، فَقَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ يَذْكُرُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الوليد السلمي حَدَّثَهُمْ فَذَكَرَهُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: قَالَ أَبُو أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، كَانَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى يُحَدِّثُ بِهَذَا مَقْطُوعًا، وَحَدَّثَنَا بِطُولِهِ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ مَعَ رَعِيفٍ الْوَرَّاقِ.
قُلْتُ: وَرَوَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ أَمْثَلُ الْإِسْنَادِ فِيهِ وَاللهُ أَعْلَمُ.
__________
[ (2) ] رواه ابو نعيم في «الدلائل» (320) ، عن ابي القاسم الطبراني، ونقله ابن كثير (6: 149) عن المصنف، ونقله السيوطي في الخصائص (2: 65) وعزاه للطبراني في الأوسط والصغير ولابن عدي وللحاكم في المعجزات، وللبيهقي، ولأبي نعيم، ولابن عساكر.
الصفحة 38
571