كتاب تاريخ الإسلام ت بشار (اسم الجزء: 6)

-سنة تسع وخمسين ومائتين
فيها توفي أَبُو إِسْحَاق الجوزجانيّ الحافظ، وإسحاق بْن وهْب العلاف، وأحمد بن إسماعيل السهمي، وإسحاق البغوي لؤلؤ، وبشر بْن مطر السامريّ، وحجاج بْن الشّاعر، وعلي بْن مَعْبَد نزيل مصر، ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ النَّيسابوري، ومحمود بْن سميع الدِّمشقيُّ، ومحمد بن آدم المروزي.
وفيها عرض الموفق عسكره بواسط، وجاءته النجدة، وهيّأ السُّفن ليدخل إلى الخبيث رأس الزنج، وكان قد نزل البطيحة وبثق حوله الأنهار وتحصن، فهجم عَلَيْهِ الموفّق، فأحرق أكواخه، وقتل من أصحابه مقتلةً كبيرة، واستنقذ مِنَ النُّسوان جمْعًا كبيرًا، وردّ إلى بغداد، واستخلف عَلَى حرب الخبيث محمد بْن المولّد، فسار الخبيث إلى الأهواز، وقتل خمسين ألفًا، وسبى أربعين ألفًا، وأهلك الأمّة، فسار لحربه مُوسَى بْن بُغَا، فأقام يحاربه بضعة عشر شهرًا، وقُتِل خلق من الطائفتين
وفيها قُتِل كنجور، وكان عَلَى إمرة الكوفة، فانصرف منها يريد سامرّاء بغير إذْن المعتمد، فأرسل إِلَيْهِ يأمره بالرجوع، فامتنع، فبعث إِلَيْهِ مالَا ليفرّقه فِي أصحابه، فلم يقنع بِهِ، وقويت نفسه، فجهّز المعتمد لحربه ساتكين، وعبد الرَّحْمَن بْن مُفْلح، وموسى بْن أتامش، وجماعة من الأمراء، فأحاطوا به، وأنزلوه عن فرسه وذبحوه.
وفيها نزلت الروم، لعنهُمُ اللَّه، عَلِيّ ملطية وسُمَيْساط، فخرج أَحْمَد بْن محمد القابوس بأهل ملَطية، فهزموا الرّوم وقُتِل مقدّمهُمُ الأقرِيطشيّ، وفتح الله ونصر.
وفي شوال ملك يعقوب بْن الليث الصّفّار نيسابور، فركب إلى خدمته محمد بن طاهر بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر، فأخذ يعقوب يوبّخه ويعنّفه عَلَى تفريطه فِي البلَاد، حتى غلب عليها العدوّ، ثمّ اعتقله ورسم عَلَيْهِ وعلى أهل بيته، فبعث المعتمد ينُكْر عَلَى يعقوب ويأمره بالانصراف إلى ولَايته، فلم يقبل، واستولى عَلَى خُراسان، واستفحل أمرُه وشرّه.
-سنة ستين ومائتين
فيها تُوُفّي أَحْمَد بْن عثمان بْن حكيم الأودي، وأيوب بْن إِسْحَاق بْن سافري، وحَجّاج بْن يوسف بْن قُتَيْبة الأصبهاني، والحسن بْن محمد بن -[18]- الصباح الزعفراني، والحسن بن علي بن محمد ابن الرّضا عَلِيّ بْن مُوسَى العَلَويّ الحسينيّ أحد الاثْنَيْ عشر، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن الحَكَم، وعُبَيْد اللَّه بْن سعد الزُّهْريّ، ومالك بن طوق التغلبي صاحب الرحبة.
وفيها سار يعقوب بْن الليث فواقَعَ الْحَسَن بْن زيد العَلَويّ فهزمه، ودخل طبرستان والدَّيْلم وراءه، فصعد الْحَسَن فِي جبال الديلم، ونزل الَثلج والأمطار عَلَى أصحاب يعقوب، فتِلف منهم خلْق واندَعكوا، ورجع يعقوب بأسوأ حال، وقد عُدِم من أصحابه أربعون ألفاُ، وذهب عامّة خيله.
وفيها كَانَ الغلَاء المُفْرِط فِي الحجاز والعراق، وبلغ كَرُّ الحِنطَة ببغداد مائةً وخمسين دينارًا.
وفيها أغارت الأعراب عَلَى حمص، فخرج لحربهم منجور التُّرْكيّ أميرُها، فقتلوه، فجاء عَلَى إمرتها بكتمر التركي المعتمدي.
وفيها أخذت الروم بلد لؤلؤة.
وفيها جرت وقعات عديدة للمسلمين مَعَ الخبيث، وفي بعضها يقول الخبيث هذا:
مَن لم ير الأتراك فِي جَمْعهم ... قد واقفوا جيشًا مِنَ الزَّنْجِ
وكلُّهم تصرف أنيابه ... حيوان يرجو ظفرَ العلجِ
كأنَّهم إذا وقفتْ تُرْكُهُم ... وزَنْجُنا رقْعةَ شطَرَنْجِ.

الصفحة 17