كتاب تاريخ الإسلام ت بشار (اسم الجزء: 6)

37 - د: أَحْمَد بْن الفُرات بْن خَالِد، أَبُو مَسْعُود الرازي الحافظ. [الوفاة: 251 - 260 ه]
مُحَدَّث أصبهان وعالمها، طَوَّف البلَاد،
وسَمِعَ: عَبْد الله بْن نُمَيْر، وأبا أسامة، وحسين بْن عَلِيّ الْجُعْفيّ، وجعفر بْن عَوْن، ويحيى بْن آدم، ويزيد بْن هارون، وشبابة، وعبد الرزاق، وابن أبي فديك، والفريابي، وأبا اليمان، وخلقا كبيرا.
رَوَى عَنْهُ: أبو دَاوُد، وأبو بَكْر بْن أبي عاصم، وجعفر الفريابي، وعبد الرحمن بْن يحيى بْن مَنْدَه، ومحمد بْن الْحَسَن بْن المهلَّب، وخلْق أخرهم عَبْد اللَّه بْن جعْفَر بْن فارس.
قَالَ إبْرَاهِيم بن محمد الطيان: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُود يَقُولُ: كتبت عَنْ ألفٍ وسبع مائة شيخ، أدخلت فِي تصنيفي ثلَاث مائة وعشرة، وعطّلت سائر ذَلِكَ، وكتبتُ ألف ألف حديث وخمس مائة ألف حديث، فأخذت من ذَلِكَ خمس مائة ألف حديث فِي التّفاسير والأحكام والفوائد وغيره.
وقال حُمَيْد بْن الربيع: قدِم أَبُو مَسْعُود الأصبهاني مصرَ، فاستلقى على قفاه، وقال لنا: خذوا حديث مصر، قَالَ: فجعل يقرأ علينا شيخاً شيخًا من قبل أنْ يلقاهم.
وعن أَبِي مَسْعُود قَالَ: كنّا نتذاكر الأبواب، فخاضوا فِي باب، فجاؤوا بخمسة أحاديث، فجئت بسادس، فنخس أَحْمَد بْن حنبل فِي صدري لإعجابه.
وقال يزيد بْن عَبْد اللَّه الأصبهاني، عَنْ أَحْمَد بْن دَلَّويْه، قَالَ: دخلتُ عَلَى أَحْمَد بْن حنبل، فقال: مَن فيكم؟ قَالَ: قلت: محمد بْن النُّعْمان بْن عَبْد السلَام، فلم يعرفه، فذكرت لَهُ أقوامًا فلم يعرفهم، فقال: أَفيكم أَبُو مَسْعُود؟ قلت: نعم، قَالَ: ما أعرف اليوم، أظنّه قَالَ: أسود الرأس، أَعْرف بمُسْندات رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ.
وقال أَبُو عَرُوبة الحرّانيّ: أَبُو مَسْعُود الأصبهاني فِي عداد أَبِي بكر بْن أَبِي شَيْبة فِي الحِفْظ، وأحمد بْن سُلَيْمَان الرّهَاويّ فِي التثبت. -[31]-
وورَدَ أنّ أَبَا مَسْعُود قدِم أصبْهان ولم يكن معه كتاب، فأملى كذا وكذا ألف حديث من حِفْظه، فلمّا وصلت كُتُبه قُوِبلت بما أملى، فلم تختلف إلَا فِي مواضع يسيرة.
وعن أَحْمَد بْن محمود بْن صَبيح، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُود الرّازيّ يَقُولُ: وَدِدْتُ أنّي أُقْتَلَ فِي حُبّ أَبِي بَكْر وعمر.
قَالَ الخطيب: كَانَ أَبُو مَسْعُود أحد الحُفّاظ، سافر الكثير، وجمع فِي الرحلة بين البصرة، والكوفة، والحجاز، واليمن، والشّام، ومصر، والجزيرة، وقدِم بغداد، وذاكر حُفّاظها بحضرة أَحْمَد بْن حنبل، وكان أَحْمَد يقدّمه.
قال ابن عديّ: لَا أعلم لأبي مَسْعُود رواية منكرة، وهو من أهل الصدق والحفظ.
وقال أَبُو عمِران الطَّرَسُوسيّ: سَمِعْتُ الأثرم يَقُولُ: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل يقول: ما تحت أديم السماء أحفظ لأخبار رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَبِي مَسْعُود الرّازيّ.
وقال أَبُو الشَّيْخ: سَمِعْتُ ابن الأصفر يقول: جالست أَحْمَد وأثني عَلَى ابن أَبِي شَيْبة وذكر عدّة، فما رَأَيْت رجلاً أحفظ لما ليس عنده من أبي مسعود الرازي.
ونقل القاضي أبو الحسين ابن الفرّاء فِي " طبقات أصحاب أَحْمَد " فِي ترجمة أَبِي مَسْعُود أنّه نَقَلَ عَنْ أَحْمَد بْن حنبل أنّه قَالَ: مَن دَلَّ عَلَى صاحب رأيٍ لنفسه فقد أعان عَلَى هدْم الْإِسلَام.
وعن أَبِي مَسْعُود قَالَ: كتبتُ الحديث وأنا ابن اثنتي عشرة سنة.
قلت: بكرَّ بالعلم لأنّ أَبَاهُ كَانَ محدّثًا.
وعنه قَالَ: ذُكِرتُ بالحفظ وأنا ابن ثمان عشرة سنة، وسُمّيتُ الرُّوَيْزيّ الحافظ.
وقال أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الجارود: سَمِعْتُ إبراهيم بْن أُورْمَة الحافظ -[32]- يَقُولُ: ما بقي أحدٌ مثل أَبِي مَسْعُود الرّازيّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهليّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرّميّ، وليس فيهم أحفظ من أَبِي مَسْعُود.
وسُئل أَبُو بَكْر الْأعْيَن: أيَّما أحفظ: أَبُو مَسْعُود، أو سُلَيْمَان الشّاذَكُونيّ؟ فقال: أمّا المُسْنَد فأبو مَسْعُود، وأمّا المُنْقطِع فالشّاذَكُونيّ.
قلت: مات أَبُو مَسْعُود فِي شَعْبان سنة ثمانٍ وخمسين، وغسّله محمد بْن عاصم الثَّقفيّ، وعاش بعده مدة.

الصفحة 30