كتاب حاشية السيوطي على سنن النسائي (اسم الجزء: 6)

إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَتَجَاوَزُ لِأُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ وَحَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ بِهِ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمَالِيهِ يَرِدُ عَلَيْهِ حَدِيثٌ آخَرُ مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةً وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا فَقَدْ أَثْبَتَ الْهَمَّ بِالْحَسَنَةِ حَسَنَةً وَقَوْلُهُ تَعَالَى إِن تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ جَاءَتِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَجَثَوْا عَلَى رُكَبِهِمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهَذَا يُرِيدُونَ أَنَّ مَا عَامَّةً فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى ثُبُوتِ الْمُؤَاخَذَةِ عَلَى فَرْدٍ مِنَ الَّذِي فِي النَّفْسِ فَقَالَ لَهُمْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَلَا تَكُونُوا كَأَصْحَابِ مُوسَى فَنَزَلَتْ قَوْلُهُ تَعَالَى آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه إِلَى قَوْلِهِ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وسعهَا فَخَصَّصَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى بِمَا خَرَجَ مِنَ الطَّاقَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا فِي النَّفْسِ مُعْتَبَرٌ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي فِي النَّفْسِ عَلَى قِسْمَيْنِ وَسْوَسَةٌ وَعَزَائِمُ فَالْوَسْوَسَةُ هِيَ حَدِيثُ النَّفْسِ وَهُوَ الْمُتَجَاوَزُ عَنْهُ فَقَطْ وَأَمَّا الْعَزَائِمُ فَكُلُّهَا مُكَلَّفٌ بِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ فَعَائِدٌ إِلَى الْمَفْهُومِ بِهِ لَا على العزائم إِذْ مَالا يُفْعَلُ لَا يُكْتَبُ وَأَمَّا الْعَزْمُ فَمُكَلَّفٌ بِهِ لقَوْله يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ حَدِيثُ النَّفْسِ الَّذِي يُمكن رَفعه لَكِن

الصفحة 157