كتاب شرح مختصر الطحاوي للجصاص (اسم الجزء: 6)

وفي حديث بشير بن المهاجر عن أبن بريدة عن أبيه قال: "كنا نتحدث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما، لم يطلبهما، وإنما رجمهما عند الرابعة".
وروي "أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لماعز: إنك إن اعترفت الرابعة رجمك رسول الله صلى الله عليه وسلم".
فلو لم يرد في ذلك إلا خبر واحدٌ من هذه الأخبار لكان كافيًا في اعتبار عدد الإقرار، فكيف بها وقد جاءت مجئ الاستفاضة والتواتر؟
ولو كان الإقرار مرة واحدة يوجب الحد، لما أعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "ما ينبغي لولي أمرٍ أن يؤتي بحد إلا أقامه".
وقال: "تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب".
رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأيضًا: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "شهدت على نفسك أربع مرات، فاذهبوا به فارجموه".
وقال: "إنك قلت أربع مرات، فبمن؟ ".
فأخبر أن وجوب الحد إنما تعلق بإقراره أربع مرات، وأن كل إقرار

الصفحة 180