كتاب شرح مختصر الطحاوي للجصاص (اسم الجزء: 6)

من ذلك كان صحيحًا معتبًرا به في جملة الأربعة.
* وإنما احتجنا إلى ذلك؛ لأن من المخالفين من يقول: عسى أن لا يكون إقراره المتقدم بصريح الزنى، أو عسى أن يكون أخبره؛ لأنه لم يكن ثبت عنده إحصانه أو صحة عقله، فقلنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد صحح حكم إقراره أربع مرات، ولو كان كما زعمتم، لما كان ما تقدم إقرارًا بالزنى، ولو كان لأجل ما ظن به من الجنون، وتغير العقل، لسأل عنه في أول مرة.
وعلى أنه قد روي إقراره أربع مرات بالزنى مصرحًا؛ لأنه قال في كل مرة: "زنيت".
وقال أبو بكر رضي الله عنه: "إنك إن اعترفت الرابعة رجمك رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وقول بريدة: "إنا كنا نتحدث أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام أنه لو رجع بعد الثالثة، لما طلبه، وأنه إنما رجمه عند الرابعة".
فدل على أن ذلك قد كان مشهورًا متعارفًا بينهم، قد عرفوه من حكم الإقرار بالزنى قبل مجئ ماعز.
وقد استعمل ذلك علي رضي الله عنه في شراحة الهمدانية، ولا نعلم عن أحدٍ من الصحابة خلاف ذلك.
ويدل على ذلك: أن في حديث بريدة: "أن الغامدية قالت للنبي صلى الله عليه وسلم لما ردها: لعلك تردني كما رددت ماعزًا".

الصفحة 181