كتاب شرح مختصر الطحاوي للجصاص (اسم الجزء: 6)

قيل له: أراد أن يفيدهم الحكم في مثله إن عرض في المستأنف.
فإن قيل: ليس في قوله: "هلا تركتموه": دلالة على ما ذكرت؛ لأن جابر بن عبد الله سئل عن ذلك، فقال إنما معناه: هلا تركتموه من الرجم، وجئتموني به، ليستثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما لترك حد فلا.
قيل له: هذا ظن من جابر، ولم يعزه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيحمل عليه.
فإن قيل: قوله عليه الصلاة والسلام: "ما بلغني من حد فقد وجب" ينفي ما ذكرت في هذا الحديث.
قيل له: ليس كذلك؛ لأن الحد بعد وجوبه يجوز أن يسقط، وإذا سقط لشبهة تعرض فيه، لم تجز إقامته، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: ما وجب من حد فلا يسقط، فيكون كما قلت.
فقد دلت قصة ماعز على الوجه الذي ذكرنا على جواز الرجوع عن الإقرار، وعلى أنه إذا هرب بعد الإقرار لم يتبع.
وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه أمر بضرب عبدٍ أقر بالزنى، وقال: اضرب حتى يقول لك: أمسك.
وليس الإقرار فيه كالشهادة إذا هرب وقد ثبت الزنى عليه بشهادة

الصفحة 188