كتاب شرح مختصر الطحاوي للجصاص (اسم الجزء: 6)

والأصل فيه: ما روى إسرائيل عن عبد الأعلى عن أبي جميلة عن علي رضي الله عنه قال: "فجرت جارية لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا علي! انطلق فأقم عليها الحد، قال: فانطلقت، فإذا بها دم يسيل لم ينقطع، فأتيته فأخبرته، فقال: دعها حتى ينقطع دمها، ثم أقم عليها الحد".
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتأخير الحد؛ لما يخاف من ضرره عليها لأجل النفاس.
فإن قيل: روى أبو أمامة بن سهل بن جنيف عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "أن رجلاً مريضًا زنى، وخيف عليه من الجلد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا له مائة شمراخ، فيضربوه بها ضربة واحدة".
قيل له: هذا يدل على ما قلنا؛ لأنه ضرب ضربًا لا يخاف منه.
ويدل عليه أيضًا: ما روى فضالة بن عبيد وغيره "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بسارق، فقطع يده، ثم حسمه"، والمعنى فيه عندنا: لئلا يلحقه من الضرر أكثر مما هو مستحق عليه بالحد.
ومن جهة النظر: إن المستحق عليه من العقوبة إنما هو الجلد، فإذا

الصفحة 190