كتاب شرح مختصر الطحاوي للجصاص (اسم الجزء: 6)

وذلك لقوله تعالى:} والتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم {، والاستشهاد على الزنى لا يكون إلا مع تعمد النظر.
فإن قيل: إنما المراد إقامة الشهادة عند الحاكم، لا على حضور الفعل.
قيل له: اللفظ ينطوى على الأمرين جميعًا، فهو عليهما.
وروى مالك بن أنس عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله! أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: نعم".
فقد أباح له استشهاد أربعة على معاينة ذلك.
وأيضًا: الذين شهدوا على المغيرة، قد كانوا قبل ذلك اتهموا المغيرة، فاجتمعوا بعد ذلك، وتعمدوا النظر، ثم أقاموا الشهادة عند عمر بحضرة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، فلم يبطل أحد منهم شهادتهم لأجل أنهم تعمدوا النظر، وإنما حدهم لأن زيادًا لم يصرح بالزنى في الشهادة.
وأيضًا: فإنه إذا لم يصل إلى إقامة حق الله إلا بتعمد النظر، جاز له ذلك، كما يجوز للطبيب والقابلة النظر إلى العورة.

الصفحة 196