كتاب شرح مختصر الطحاوي للجصاص (اسم الجزء: 6)

قال: (وقال أبو يوسف: يرجم وإن غابوا)؛ لأن أمرنا للشهود بالابتداء بالرجم، إنما هو على وجه الاستظهار، لا على أن ذلك شرط في صحة الرجم.
مسألة: [الإقرار بعد الإشهاد]
قال: (ومن شهد عليه أربعة بالزنى، فقضي عليه بذلك، ولم يقم عليه الحد حتى أقر بالزنى، فإن أبا يوسف قال: قد بطلت الشهادة عليه بذلك، فلا يحد حتى يقر أربع مرات في مجالس مختلفة.
وأما محمد فكان يقول: الشهادة على حالها، ويحد بها بعد إقراره، كما يحد بها قبل إقراره، إلا أن يقر بتتمة أربع مرات في مجالس مختلفة، فيحد بالإقرار حينئذٍ، وتبطل الشهادة).
وجه قول أبي يوسف: أن الشهادة على الزنى موقوفة الحكم على استيفاء الحد، فمتى عرض فيها قبل استيفائها ما يمنع قبولها ابتداء، فإنه يبطلها، والدليل على صحة ذلك: أن الشهود لو رجعوا بعد حكم الحاكم بالحد بشهادتهم، لبطل الحد، كذلك إذا أقر، وجب أن يبطل حكم الشهادة مع الإقرار، كما أنه لو أقر بدءًا: لم يصح للشهادة حكم مع الإقرار.
ووجه قول محمد: إن الإقرار بالزنى مرة واحدة لا حكم له، والدليل عليه: أنه لا يجب به حد، ومن حيث سقط الحد، لم يجب المهر أيضًا، فصار وجوده وعدمه سواء.
ألا ترى أنه لو أقر أربع مرات، ثم سقط الحد بضربٍ من الشبهة،

الصفحة 198