كتاب شرح مختصر الطحاوي للجصاص (اسم الجزء: 6)

قيل له: اقتضى الخبر معنيين: أن لا يبلغ به الحد، وأن لا يجاوز به العشر، وقامت الدلالة على مجاوزة العشر، فبقي حكم اللفظ في نفسي بلوغ الحد.
وأيضًا: حدثنا ابن قانع قال: حدثنا ابن ناحية قال: حدثنا محمد بن الحصين الأصبحي قال: حدثنا عمر بن علي المقدمي قال: حدثنا مسعر عن خاله الوليد بن عثمان عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ضرب حدًا في غير حد، فهو من المعتدين".
ورواه أبو نعيم عن مسعر عن الوليد عن عثمان عن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
فإن قيل: قال الله تعالى:} فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله {، فدل على أن التعزير على قدر ما يرى الإمام من المصلحة فيه وإن زاد على الحد، كما أوجب الله سبحانه قتال الفئة الباغية وقتلهم حتى يفيئوا إلى أمر الله.
قيل له: ليس التعزير من قتال البغاة في شيء؛ لأن البغاة إنما يقاتلون على وجه الدفع إذا قاتلوا، ألا ترى أنهم لو قعدوا في بيوتهم لم يقاتلوا، وأما التعزير فهو مستحق بفعل فعله، قد استقر عليه حكمه، فيشبه الحد من هذا الوجه، فوجب أن لا يبلغ به الحد، لما ورد به التوقيف، كما لا يجلد في الزنى والقذف بأكثر مما ورد به التوقيف.
* قال: (وروي عن أبي يوسف فيه روايتان: إحداهما: أنه ينقص من

الصفحة 207