كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
وبين ربه في توحيده، حتى يلقي فيه الشك، فيزيغ القلب، فإذا انتهى إلى الصراط، صار ذلك النور وقايةً له من تحت قدمه، وفوقه، وحوله، وصار الضوء أمامه، يطرق له في تلك الظلمة حتى يجوزها، وصارت الرحمة معلقة ومستمسكة، فعلى قدر حظه من الرحمة تكون سرعة جوازه على الصراط، وعلى قدر حظه من الرحمة يكون من العبد الوفاء لهذه الكلمة أيام حياته.
فقد قلنا بدءاً: إن كلمة: لا إله إلا الله أولها: نفي الشرك، وآخرها: تعلق بالله، فإنما يتعلق بالله إذا استكمل التقوى، وذلك أن الشرك على ضربين: شرك عبودة، وشرك الأسباب، وكلاهما علاقة.
وإنما سمي شركاً؛ لأنه علاقة، وهو مشتق من الشرك الذي ينصب، فيتعلق به الصيد، فإنما ينصب الشرك، ويلقى هناك حبوبٌ، فينخدع الطائر له بحاجته إليها، حتى يقع فيه فيتعلق، وكذلك السمك، إنما يقع في حبالته لشهوة بطنه، وكذلك الآدمي، إنما يقع في حبالة العدو، حين يتولى دون ربه إلهاً، ويتخذه معبوداً لشهوة نفسه، يشتهي أن يعاين معبوده، فيلتذ بالعبادة له، وطلب معبوده، فلما لم يجده، نبذه العدو إلى شيء، وصوت له من جوفه، وزينه له، فالتذ بصوته، فعبده، وهو يعبد الشيطان ولا يدري، يحسب أنه يعبد ذلك الوثن. وذلك قوله لهم يوم القيامة: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدوٌ مبينٌ}، وقال: