كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

يكره إليه المعازف، والمزامير، وأمره بالمجاهدة؛ ليكون مجاهداً في ذاته إلى وقت، فإذا ابتلي، فصبر عنه، فتح له في الغيب، فنال من الأنوار ما لا تجد لذة هذه المعازف إليه سبيلاً؛ لأن الذي في جوفه من الشهوة قد مات، وإنما كان يلتذ قبل ذلك؛ لملاقاة تلك الأصوات من المعازف، والممازجة بصوت العدو، فيهتاج ما في جوفه، فيجد لذته، فلما وقع العبد في منازل القربة، بعد مجاهدته في ذات الله، ماتت شهوته من خوف الله، وانخشع قلبه من جلال الله، وعلته الهيبة، فلم يجد العدو سبيلاً إليه لما جاء به، وصارت لذة قلبه حب الله، فدقت حلاوة جميع الأشياء عنده، وصارت الأشياء مرفوضة.
وإنما يتعلق القلب بالله إذا نجا من تعلقه بالشهوات، والمشيئات، والإرادات، فهذا كله شرك الأسباب، فإذا تخلص من هذا الشرك، فلم يبق له متعلق، تعلق القلب بالله، فعندها، صدق الله في مقالته لا إله إلا الله، وبتلك المقالة يملأ الكفة من الميزان حتى يستميل بالسماوات والأرض، ومن فيها من الخلق.
1359 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا أصبغ بن الفرج المصري، قال: نا ابن وهب، عن عمرو بن

الصفحة 102