كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
فيهما الحياة للحراك للعبودة، ثم جعل تلك البضعة الجوفاء خزانته، وهي القلب.
وجعل لها عينين تبصران الغيب، وأذنين تعيان وحيه وكلامه، وجعل لها باباً إلى الصدر، للسراج المتوقد شعاعه في الصدر، وجعل تلك البضعة معدناً لجواهر التوحيد من الحكمة البالغة، والعلوم العالية، وقبض عليها ضناً بها، فلم يطلع عليها ملكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً، وهو مقلبها على مشيئته، ثم خلق الآيات في ذلك اليوم الذي خلقه، وذلك يوم الجمعة، ليقابل كل شيء من صنعه الجميل في آدم، وولده في الظاهر منه.
وفي الباطن آفة ذلك الشيء؛ ليكون الآدمي حامداً له وشاكراً، يرتبط ذلك الصنع الجميل على نفسه، ولنفسه بذلك الحمد والشكر، وليكون آخذاً لحرزه من الآفات بهذا الحمد والشكر، وليكون داخلاً في ستره، فجعل أول الحمد في الكلمة العليا، وهي كلمة: لا إله إلا الله.
فإذا قالها: صار له عبداً متعبداً، فإذا شهد بها، صار من شهدائه، وأوليائه، والقائمين بالقسط له، ثم يثني هذه الكلمة بالحمد لله، فعندها يصير قوله: الحمد لله مقبولاً، ولا يقبل الحمد من عبيده، حتى يكون على مقدمته قول: لا إله إلا الله.
ثم اقتضى العبد بعد ذلك تحقيق هاتين الكلمتين بالشكر، وهو أن يفي بالعبودة له بهذه الجوارح السبعة؛ فينتهي عما نهاه عنه من فعل هذه