كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
الجوارح السبعة، ويأتمر بما افترض عليه في جسده وماله الذي جعله قياماً بجسده.
فهذا الشكر المقتضي من العبد تحقيقٌ لما تقدم منه من قوله: الحمد لله؛ حق يقر حمده بهذا الشكر، فإذا وقره بهذا، كان ذلك الحمد تحقيقاً للكلمة العليا التي تقدمت، وهي: لا إله إلا الله، وسماها في تنزيله كلمة التقوى، تقيه آفات الدنيا والآخرة.
ثم صار للعبد في هذه المهلة غفلات وهفوات مما يلحقه من نزغات العدو، وهمزاته، وحضراته، ونفحاته، ونفثاته؛ من أجل الشهوة المركبة فيه، والهوى الهفافة فيها لأهبوب تلك الشهوات، وهما سلاح العدو، وسبيلة إلى الآدمي، بهما يصل إلى غوايته.
فإذا كان ذلك، دخل في الشكر تقصير، وفي الحمد تكدير، وفي الكلمة العليا ترخيم، وعلى العروة الوثقى توهين؛ حتى يصير العبد قلبه معلقاً بعد أن كان منتصباً، ويصير معقلاً بعد أن كان منطلقاً، ويصير منقبضاً بعد أن كان منبسطاً، ويتحرج صدره بعد أن كان منشرحاً، فعندها الآفات كائنة وعلى كل شيء من جميل صنعه فيه لازمة، فيجده أعمى بعد أن كان بصيراً، وأصم بعد أن كان سمعياً، وأبكم بعد أن كان نطوقاً، وزمناً بعد أن كان يدب على وجه الأرض، وعاجزاً بعد أن كان قابضاً وباسطاً،