كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

وإنما صار هكذا؛ لأن هذه الأمة أيدت باليقين، وفضلوا به، وطريقهم إلى الله واسعة، وطولبوا بما فضلوا أن ينسبوا كل شيء يستحسنونه إلى خالقه، ويتبركوا فيقولوا: تبارك الله، فإذا تركوا ذلك إعجاباً بذلك الشيء، تهافت ذلك الشيء، وذهب حسنه وهلك، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سبق ناقة الأعرابي ناقة رسول الله حيث استبقا، فقال: ((حقٌّ على الله أن لا يرفع الناس أعينهم إلى شيءٍ إلا وضعه الله)).
فإنما ذم رسول الله تلك العيون الغافلة عن الله.
وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ من شر تلك العيون، فسماها: حاسدة، فقال: {ومن شر حاسدٍ إلى حسد}؛ فإنما سمي حاسداً؛ لأنه يحصد الأشياء حصداً، ويستأصلها بشؤم نظرته الفاجرة عن الله، والسين والصاد يعتقبان يجزئ أحدهما عن الآخر؛ كقولك: صراط، وسراط.
قال له قائل: فإن كان هذا الناظر لغفلته هو الجاني، فما بال المنظور إليه حيث لحقته العقوبة؟
قال: ليس ذاك عقوبة، ولكن هذا تدبير الله في عباده.

الصفحة 11