كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
عن النفس وفتنتها.
وحسن الخلق على ثلاثة منازل:
أول منزلة منها: أن يحسن خلقه مع أمره ونهيه، فيأتمر بأمره، وينتهي عن مناهيه، فإذا أحكم هذا، تخطى إلى المنزلة الثانية، وهو أن يحسن خلقه مع جميع خلقه على سبيل المساعدة والمقاربة والمساهلة، واللين والرفق والمواتاة، والتداري ومعاشرة الجميل، فإذا أحكم هذا، تخطى إلى المنزلة الثالثة، وهو أن يحسن خلقه مع تدبير الله في كل أموره، ولا يريد إلا ما يريد، ولا يشاء إلا ما يشاء، فعينه مادة إلى ما يبرز له ساعة فساعة من نفحات الملكوت من تلك الغيوب من تدبيره، فيتلقاه مهتشاً راضياً، فقد ائتمن الله على نفسه وأحوالها، فهذا رجل قد استكمل حسن الخلق، فاستراح قلبه، واطمأنت نفسه، واستقامت جوارحه، وألقى بيديه إلى الله سلماً، ووجده كافياً، كريماً، حسيباً، مولًى ناصراً، فنعم المولى، ونعم النصير.
وإذا قال حينئذٍ: حسبي الله، صدقه الله على عرشه، وإذا قال: كفى بالله وكيلاً، كفاه الله، وإذا توكل عليه، هيأ له، وإذا اتكل على كرمه، وفى له بما هو سأله، ولو كان ذلك طي الأرض، والمشي في الهواء، ولو سأله
الصفحة 17
512