كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

من جميع الذنوب، فصار كمن لم يذنب، فهكذا شأن الكريم مع المؤمنين، هذا فيمن جاد عليه بنفسه ليلة واحدة، فكيف بمن جاد عليه بنفسه في جميع عمره، بماذا يجود عليه غداً؟
يجود عليه بوجهه الكريم، حتى يصير بالصفة التي ذكرها في تنزيله، فقال عندما ذكر لظى -نعوذ بالله منها-: {وسيجنبها الأتقى. الذي يؤتى ماله يتزكى}.
فوصفه أنه في جانب وبمعزل من النار، ثم سماه الأتقى، ثم وسمه بالزكاء، وهو الامتلاء والاحتشاء، ثم ذكر صفاءه وإخلاصه، فقال: {وما لأحدٍ عنده من نعمةٍ تجزى}.
ثم أنبأ عن سره ماذا يبتغي بفعله، فقال: {إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى} أي: ابتغى بهذا التقوى والصفاء والإخلاص أن يلقى وجهه الكريم.
قلنا: ويلقى غداً في الموقف رؤية، ويلقاه في الفردوس نظراً، وذلك منتهى المنى، والنظر أكبر من الرؤية؛ لأنه يراه في الموقف رئي الديان عرضاً، وقبولاً وجزاء، وفي الفردوس رؤية الجنان نظراً وبهجة وسروراً ولذة، ثم ختمه بقوله: {ولسوف يرضى}؛ أي: يعطى حتى

الصفحة 20