كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

يعلم غسلاً.
((ورأيت رجلاً من أمتي احتوشته الشياطين، فجاءه ذكر الله، فخلصه من بينهم)).
قال أبو عبد الله رحمه الله:
فالشيطان وجنوده قد أعطوا السبيل إلى فتنة الآدميين، وتزيين ما في الأرض لهم طمعاً في غوايتهم، وقد قال: {بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين. إلا عبادك منهم المخلصين}، فلو لم يجعل بيده شيء، ما قدر على أن يزين، ولكن قد أعطي سلطاناً بتلك الزينة التي قد أعطيها حتى يوصلها إلى النفوس، ويهيجها تهييجاً يزعزع أركان البدن، ويستفز القلب حتى يزعجه عن مستقره، فلا يعتصم الآدمي بشيء أوثق، ولا أحض من الذكر؛ لأنه إذا هاج الذكر من القلب، هاجت الأنوار، فاشتعل الصدر بنار الأنوار، وهيج العدو من نفسه نار الشهوات بنفخه ونفثه، ونار الأنوار تحرق نار الشهوات، وتحرق العدو، فإذا رأى العدو هيج الذكر من القلب، ولى هارباً، فترك النفخ، والنفث، وخمدت نار الشهوة، وامتلأ الصدر نوراً، فبطل كيده، وذلك قوله تعالى: {وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً}.
وقال تعالى: {إنا زينا السماء الدنيا بزينةٍ الكواكب. وحفظاً من كل شيطانٍ ماردٍ}، وقال: {وحفظناها من كل شيطانٍ رجيمٍ. إلا من استرق

الصفحة 39