كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
قال أبو عبد الله رحمه الله:
فالرب تعالى واحد، وجعل ربوبيته في الغيب، وخلق العباد في الغيب، وأوله قلوبهم إليه، وقررهم كلهم بالعبودة له، وعلى ذلك فطرهم، فكلهم يفزعون عند الحاجة إلى اسم الله الذي جعله موله قلوبهم، فثبت فريق منهم على إخلاصه، وأشرك فريق منهم، وذلك قوله تعالى: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون. ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون}.
فجعل أمور العباد كلها يوصلها إليهم في الغيب، قد ستر أمورهم بالأسباب، وقال: أنا الرزاق، ثم جعل أرزاقهم في ماء الحيوان تحت العرش، ثم وكل به ملائكة القطر، ثم سخر السحاب لقبوله، وسخر الرياح ليجعل كسف السحاب ركاماً، ويبسطه كيف يشاء، ثم يأمر السحاب أن يدر بالقطر مطراً، ثم أمر الأرض أن تقبله ودائع، ثم أمر الأرض أن تنفجر عن ذلك القطر في أصلب موضع منها من أجواف الصخور من الجبال، وذلك قوله تعالى: {أنزل من السماء ماءً فسلكه ينابيع في الأرض}.
وقوله تعالى: {وفجرنا الأرض عيوناً}، وقوله: {وفجرنا فيها من العيون}، ثم علم الآدميين أن يحرثوا الأرض، ثم أمر الأرض أن تنبت من كل زوج بهيج.