كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
والزرع والحصاد، والأيدي التي تتداوله، وربوبيته في جميع الأشياء قائمة، لا يكون شيء إلا بإذنه، ولا يقوم إلا به، ولا يدوم إلا به، فقلوب الآدميين ونفوسهم معلقة بالأسباب التي يرونها، فإذا احتاجوا إلى شيء، طلبوا ذلك الشيء من مظانه الذي هناك عاينوه، فمن الله على الموحدين بمعرفته بأن الرب واحد، والوله بالقلوب في الحوائج إلى الواحد الذي اسمه الله الذي خرجت هذه الأشياء كلها من ذلك الاسم.
ولذلك أمروا أن يتناولوا شيئاً ويبتدئوا في كل أمر بقول: بسم الله؛ كأنه يقول: هذا الشيء بهذا الاسم أخرج، ومنه أخرج، ومن حرم المنة، بقي مع الأسباب، قلوبهم معلقة بها، مفتونة فيها، فاتخذوا من دونه ولياً، فعبدوه، ثم قالوا: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}، فقالت الرسل لهم: {أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً}.
حتى قال إبراهيم لقومه: {أفٍ لكم ولما تعبدون من دون الله}. والأف: كلمة جامعة للشتم والضعة.
وأنزل على المؤمنين تعليماً للحجة: {وإلاهكم إلهٌ واحدٌ لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}، فقال المشركون: أرنا بذل آية أنه واحد،