كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

فأنزل الله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماءٍ فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابةٍ وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآياتٍ لقومٍ يعقلون}، فأخبر أن العقل يدل عليه بما أراهم من قدرته، وقال تعالى: {ما اتخذ الله من ولدٍ وما كان معه من إلهٍ إذاً لذهب كل إلهٍ بما خلق ولعلا بعضهم على بعضٍ سبحان الله عما يصفون} الآية.
وأهل اليقين طلبوه من المظان نفساً وجسداً، ومن القلوب إخلاصاً ويقيناً، فمن ضعف يقينه، كان السبب بين عينيه، فإذا طلب شيئاً، طلبه من السبب قلباً ونفساً، فإذا فاته منها شيء، تلهف وأسف على الفوت، ولام وذم، وتردد واضطرب حتى يخرج دينه، ويسقم إيمانه، وإذا صار إلى القول يقول: لا يكون إلا ما شاء الله، ولا يكون إلا ما قدر الله، ولا يكون إلا ما قضى الله، فإذا قضى فلا يقوم شيء ولا يدوم إلا بالله، فإذا علم أن الكون من الله، والدوام بالله، كان هذا من علم النور، وإنما هو كلطخة واحدة، ثم يخفي في صدره هذا العلم حتى لا يشرق نوره، وإنما كانت شررة أو كلمحة أو برقة، ثم ذهبت، وبقي العبد مع الشرك في السبب، فكلما لحظ العبد إلى شيء من هذه الأسباب دونه، فقد أتى بالشرك رجاءه ورجاء خلقه، وأمله وأمل خلقه، فإذا رأى السحاب، استبشر، وإذا هاجت

الصفحة 399