كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

السمع فأتبعه شهابٌ مبينٌ}، وقال: {إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهابٌ ثاقبٌ}.
فهذه قصة السماء حرسها بشهب الكواكب، ثم جعل صدور المؤمنين كذلك، فجعل قلب المؤمن خزانة لكنوز معرفته، وجعل أعلام الكنوز في الصدور مرفوعة لعين الفؤاد، حتى تري عين الفؤاد العلم الذي رفع له ففي كل وقت علم؛ لأن الكنوز أنواع، ولكل نوع علم، فما يرفع العلم في الصدر لعين الفؤاد، حتى يتبع العلم، فالأعلام زينة الصدر ومصابيحه.
وهؤلاء حراس السماء، يحرسون أخبار السماء حتى لا يسترق العدو سمع ما في السماء، فإذا دنوا للسمع، رموا بشهب الكواكب، وهؤلاء حراس الخزنة، يحرسون كنوز المعرفة حتى لا يسترق العدو سمع ما في الصدر، من ترائي عين الفؤاد، وتدبير ذات الصدر، فإذا هاج الذكر، فإنما يهيج من هذه الأعلام التي في الصدور، من تلك الكنوز التي في القلب، فاشتعل الصدر نوراً، ولكل شعلة حريق، فإن تراءى العدو في ذلك الوقت، أحرقته تلك الشعلة برمي شعاعها، فلذلك يهرب، ويتخلص العبد.
فعلم العدو أن لله عباداً قد امتحنهم للتقوى، واستخلصهم للكرامة، فاستثناهم، فقال: {إلا عبادك منهم المخلصين}، فإنما استخلصهم الله تعالى للذكر، فأصفاهم ذكراً، وأطيبهم معدناً للذكر: أقواهم على العدو، والعدو أشد نفاراً منهم.

الصفحة 40