كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
الأسباب مغيبة، سترها ربها في الأسباب، وأخفى ربوبيته؛ ليكون إيمان العباد في الغيب كله، وبالغيب كله؛ لأن مديح العباد في إيمانهم بالغيب، فكما جعل نفسه غيباً عن العباد، كذلك جعل أموره وربوبيته غيباً عن العباد.
فأهل اليقين هتكوا هذه الحجب بقوة نور اليقين حتى انكشف لهم الغطاء، ووصلوا إليه، فقبلوا هذا كله عنه على بصيرة، ففضل الله تعالى هذه الأمة باليقين، حتى صار ما بقي فيهم من الشرك أخفى من دبيب النملة في القلة والرقة، فهذا مدح لهذه الأمة.
ألا ترى أنه قال: ((أخفى في أمتي))، وقال في حديث أبي بكر: ((أخفى فيكم)) يعلمهم فضيلة هذه الأمة على سائر الأمم أن شرك الأسباب ذاب فيهم، وتلاشى بفضل يقينهم، حتى صار أخفى من دبيب النمل؛ لأن دبيب النمل لا يؤثر على الصفا، وكذلك ما بقي من شرك الأسباب لا يؤثر على أهل اليقين ما يعرض لهم من خواطر الأسباب؛ لأن قلوبهم قد صلبت بالله، وصارت كزبر الحديد والصخر.
1508 - نا معروف بن الهيثم الكرخي، قال: نا