كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
لأن شهوة تلك الأشياء في نفسه، فإذا اشتهاها، أحبها، فإذا وصل حبها إلى قلبه، رأى القلب تلك الأشياء من أجل تلك الأشياء، وذلك قوله تعالى: {زين للناس حب الشهوات}، ثم عد الشهوات، الآية، فقال: {من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث}.
فالنفس تجد اللذة والفرح والسرور من هذه الشهوات، وتحبها، فإنما أحب الذهب والفضة؛ لأنه بهما يرجو وجود شهوات الأسباب، وكذلك الأنعام والحرث، والأرض لا تؤكل ولا تشرب، ولا الذهب ولا الفضة، ولكن لما علم أن الأرض تخرج له نبات الأشياء التي يلتذ بها، أحبها، وأن الذهب والفضة أوردا عليه الأشياء التي يشتهي، أحبهما، فهو حب فتنة، والحب يصطاد القلب ويسبيه، فهذا شرك، وتلك الحبال التي فيها معاليق الصيد شرك، فكل واحد يستعمل في نوعه، وأحدهما مشتق من الآخر، فالشك ضيق الصدر، والشرك تعلق القلب بالشيء.
وإنما يوسع القلب نور اليقين، فكلما كان القلب بالتعبير أنور وأوفر حظاً منه، كان أوسع وأكثر شرحاً، وإنما يتخلص من الشرك بنور التوحيد،