كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
فكلما كان القلب من نور الفردية أوفر حظاً، ومن نور الأحدية أوفر حظاً، كان تخلصه من الشرك أكثر، فباليقين ينجو العبد من وبال الشرك، وبالإخلاص ينجو من وبال الشرك، فعندها يتولاه الله تعالى، وذلك قوله لداود عليه السلام: هل تدري متى أتولاهم؟ إذا طهروا قلوبهم من الشرك، ونزعوا من قلوبهم الشك.
فخلق الآدمي والأسباب مشتبكة به، لا يرى شيئاً إلا في غيب، وربوبية الرب قائمة في ذلك الغيب في جميع الأسباب، لا تكون إلا به، فالله مكونها، وبالله يدوم ما كون، وهذا الآدمي لم ير التكوين ولا التدويم إلا رؤية الإيمان بالغيب، فاستقر قلبه إيماناً بذلك، ثم جاءت النفس بشكها وشركها، فأوردت على القلب حتى صار القلب ذا شك، وشرك، فلا يزال صاحبها يضيع هذا الأمر، ويهمله حتى يحل العقدة منه: عقدة الإيمان، فيكفر، والذي أغاثه الله وأيده، لما رأى ضعف اليقين، وانقياد القلب للنفس بما أوردت عليه، فزع إلى الله حتى قواه الله وأيده.
فإذا رزق الله عبداً نور اليقين، ونور الفردية، صار القلب موقناً مخلصاً، فبقوة هذين يمحق خواطر النفس في الصدر، وتلك الخواطر التي تورث شكاً وشركاً، فاستقام القلب وصلب، ومد النفس إلى ما عنده فقواها،