كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان ليفر من حس عمر، وما رأى الشيطان عمر، إلا خر لوجهه)).
وقال في تنزيله: {من شر الوسواس الخناس}، فإنما سماه خناساً؛ لأنه إذا جاء الذكر، انخنس، وذهبت قوته، وإن تعرض في ذلك الوقت، احترق.
وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يحيى بن زكريا عليه السلام آخر ما كان يأمر قومه بخمس خصال، ويضرب لهم مثلاً، فكانت إحدى الخصال: أن أمرهم بذكر الله، فضرب لهم في ذلك مثلاً، فقال: رجل أتاه العدو من ناحية فقاتله، وأتاه آخر من ناحية فقاتله، فلما رأى أنهم أتوه من النواحي، دخل الحصن، وأغلق الباب، فاستقر آمناً بالحصن، وبقي العدو خارجاً.
فالعبد إذا قاتل الشيطان بنوع من أنواع البر، جاءه من نوع آخر، فإذا جاء الذكر، هرب وتركه؛ لأن الذكر نور يحرق، وليس لأعمال البر تلك القوة التي يحترق منها العدو.
((ورأيت رجلاً من أتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته، فاستنقذته من أيديهم)).
قال أبو عبد الله رحمه الله:
فالعذاب إنما يقصد العبيد الأباق الذين هربوا، وذهبوا برقابهم من الله، وأهل الصلاة كلما أبقوا، عادوا إلى الله في وقت كل صلاة،

الصفحة 41