كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
ما آتاهم، فقال: ((الشرك أخفى في أمتي من دبيب النمل)).
فإنما خص ذكر الأمة يعلمهم فضل الله عليهم، وليس على ما ذهب إليه المتوهمون: أن هذا الحديث تحذير يحذر الأمة في الشرك حتى يطلبوه؛ لأن ذكر أنه يخفى عليهم، فيقال لقائل هذا التوهم: إنه خفي عليهم؛ لغمارتهم، وقلة يقينهم؛ لأنهم أضعف الأمم، وأقلهم حظاً، فقد وقعت بهذا التوهم أبعد موقع في المعنى، ونسبت الأمة إلى خلاف ما أنزلهم الله من نفسه.
وما بال هذه الأمة يخفى فيها الشرك، ولا يخفى في بني إسرائيل، ويقين هذه الأمة أوفر، وموصوفة في التوراة أنهم صفوة الرحمن، وفي الإنجيل حكماء علماء كأنهم من الفقه أنبياء، فيستحيل بعد هذه الصفة في التوراة والإنجيل أن ينسب إليهم خفاء الشرك؛ لغمارتهم وقلة يقينهم؛ لأن غمر القلب يخفي الأشياء في الصدر، فلم يذكر في الحديث أنه قال: الشرك أخفى في الآدميين، ولكنه قال: ((أخفى في أمتي)).
فلما رأينا خصوصية الأمة وفضلها عند الله تعالى، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أعطيت أمةً من اليقين ما أعطيت أمتي)).
وقول الله تعالى: يا عيسى! إني باعث بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون، حمدوا وشكروا، وإن أصابهم ما يكرهون، صبروا واحتسبوا، ولا حلم