كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
وأما العبد الآخر، فإنه مر على خربة، فقال: {أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عامٍ}، فهذا نوع غير ذلك النوع، هذا تحير وتعجب وتعظيم، هاج ذلك التعظيم من العجب والحيرة، فوعظه الله بالموت، وأراه الإحياء في نفسه، ولم يكن من العبد الصالح قوله: {أنى يحيى هذه الله} شكاً، ولكنه عجب، والإعجاب لا يكون إلا من الحيرة.
ألا ترى إلى قول سارة حيث قالت: {قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوزٌ وهذا بعلي شيخاً} بعدما بشرتها الملائكة وأيقنت، فقالت بعد البشرى: {إن هذا لشيءٌ عجيبٌ}، فأنكرت الملائكة عليها، فقالوا: {أتعجبين من أمر الله}.
فهذه الخواطر كائنة في الصديقين، فإذا مرت ببالهم، كان ذلك منهم شركاً، وهو حجب الأسباب التي ذكرنا، ففزعوا إلى الله، فأعطاهم مفزعاً، ولاحظت عيونهم باب القدرة، وانكشف الغطاء عن باب القدرة بعيون قلوبهم، فلاحظوا المقتدر، ولاحظوا مجد الملك، فخفيت هذه الخواطر في صدورهم، فمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته، ونشر عن الله ما أعطاهم، فقال: ((الشرك أخفى في أمتي من دبيب النمل))؛ فإنما بشرهم بفضل الله عليهم، إلا