كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)

ووقفوا بين يديه تائبين، نادمين، معتذرين، مسلمي نفوسهم إليه، مجددين لإسلامهم، يترضونه بالتكبير، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والركوع، والسجود، والرغبة، والتضرع إلى الله في التشهد، فسقطت عنهم عيوب إباقهم وهربهم، وزالت عنهم العقوبات التي استوجبوها.
((ورأيت رجلاً من أمتي يلهث عطشاً، كلما ورد حوضاً منع، فجاءه صيامه، فسقاه)).
قال أبو عبد الله رحمه الله:
فهذا عبد اتبع هواه، وأمعن في شهواته، حتى بعد من الرحمة، وإذا بعد القلب من الرحمة، عطش، وإذا عطش، يبس، وإذا يبس، قسا، ولذلك قال تعالى: {فويلٌ للقاسية قلوبهم من ذكر الله}، وقال تعالى: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوةً}.
فبالرحمة يرطب القلب، ويروى، وببعده من الرحمة يعطش، فأورثه عطش القلب عطش القيامة، حتى رآه النبي صلى الله عليه وسلم في منامه في القيامة في تلك الحالة، فإذا ترك العبد اتباع الهوى، وامتنع من منهي الشهوات، عادت الرحمة إليه، وقرب القلب منه، وتوسع في سقياه، فروي؛ لأن برد الرحمة يسكن حرارة الشهوة التي تؤدي النفس إلى العطش، والصيام:

الصفحة 42