كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 6)
لأحبابك هناك في مراتبهم من البر والوداد، فخروا لأذقانهم سجداً مع البكاء والعويل، وسبحوا لربوبيتك، وأيقنوا بوعدك عند تلاوة وحيك، وزادهم بكاؤهم لك خشوعاً، فخشعت لك جوارحهم؛ لأن الخشعة ميراث بكاء الخشية، ذلك بأنك جعلت للباكي من خشيتك من عاجل الثواب أن تملأ جوارحه في الدنيا نوراً، وفي الآخرة ضحكاً، فيا حنان! تحنن علينا بعطفك، وزدنا علماً يقربنا إليك، واجعلنا من الشاكرين لك، وتقبلها منا كما تقبلت من الذين أوتوا العلم من قبلنا.
سجدة سورة مريم: يا خير المنعمين! أنعمت على النبيين والمهديين والمجتبين بالنبوة والهداية والحنانة، فبك وصلوا إلى محبوبك من الأعمال، وخروا لتلاوة آيات الرحمن لك سجداً وبكياً، تلك خشعة الأحباب، وأهل الوداد سجدوا مع البكاء شوقاً إليك، وقلقاً بطول الحبس عنك في سجون الدنيا، يا ودود! فليس من لقيك في السجن عبداً قناً، كمن لقيك في دارك دار السلام حراً ملكاً محبوراً مسروراً، يراك جهراً، قد كشفت الغطاء، وتجليت لأهل الوداد عن حجب الكبرياء والجلال، فأنبأتنا عن أحوالهم وأخبارهم وحياً وتنزيلاً، يجدون على ذلك من فعلهم هذا سجودهم قد علمته، فليت شعري من أين بكاؤهم؟ وما الذي أبكاهم؟ وأين أصول ذلك المنبع، وهم أهل صفوتك، ونجباء عبيدك؟ إلهي! فسهل لنا السبيل إلى ذلك من فعلهم ظهراً وبطناً، ووفر حظنا من ذلك برحمتك علينا.
سجدة سورة الحج: سجد لك الخلق والخليقة، علواً وسفلاً، وبراً